ایکنا

IQNA

​"سنار" منارة مملكة إسلامية في القارة الأفريقية على مدى 3 قرون

13:36 - November 15, 2017
رمز الخبر: 3466740
الخرطوم ـ إكنا: مثَّلت مملكة "سنَّار" الإسلامية علامةً مضيئةً في رفعِ رايةِ الإسلامِ والحفاظِ على الموروثِ الإسلامي، بعد سقوطِ الأندلسِ، واستمرت ترفعُ هذه الرايةَ لأكثرَ من 300 عام، ومن لطفِ الأقدارِ، أن يوافق هذا الاختيار مناسبة مرور 500 عام على إنشاءِ سلطنةِ سنَّار.
​سنار منارة مملكة إسلامية في القارة الأفريقية على مدى 3 قرون
وأفادت وكالة الأنباء القرآنية الدولية(إکنا)، شهدت مدينة سنار السودانية سلسلة من الفعاليات المتنوعة منذ انطلاق احتفالاتها عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2017 في مارس الماضي، وتواصلت هذه الفعاليات لتصل إلى ذروتها باستضافة وزراء الثقافة بدول منظمة التعاون الإسلامي في الثاني من نوفمبر الحالي ضمن أعمال المؤتمر الإسلامي الـــ 10 لوزراء الثقافة الذي تنطلق أعماله بالعاصمة السودانية الخرطوم في الــ 21 من نوفمبر الحالي. 

وتم اختيار سنار عاصمة للثقافة الإسلامية ارتكازاً على مقررات المؤتمر الإسلامي السادس لوزراء الثقافة المنعقد في عاصمة أذربيجان باكو، 13 و 14 أكتوبر 2009 الذي تم فيه اعتماد لائحة عواصم الثقافة الإسلامية للفترة من 2015 ـــ 2024 م، ويعد الاختيار إضافة حقيقية للرصيد التاريخي والثقافي للأمة السودانية، وامتداداً طبيعياً للدور الذي ظل يلعبه السودان في الحفاظ على الثقافة الإسلامية، على مدى التاريخ، حيث مثلت مملكة سنار الإسلامية علامة مضيئة في رفع راية الإسلام والحفاظ على الموروث الإسلامي. 

مثَّلت مملكة سنَّار الإسلامية علامةً مضيئةً في رفعِ رايةِ الإسلامِ والحفاظِ على الموروثِ الإسلامي، بعد سقوطِ الأندلسِ، واستمرت ترفعُ هذه الرايةَ لأكثرَ من 300 عام، ومن لطفِ الأقدارِ، أن يوافق هذا الاختيار مناسبة مرور 500 عام على إنشاءِ سلطنةِ سنَّار. 

ولم تكن سنَّار حاضرةَ أولِ سلطنةٍ إسلاميةٍ في سودانِ وادي النيلِ وحسب، وإنما أصبحت، بموقعِها الجغرافيِّ في صدرِ السودانِ وبتركيبتِها السكانيةِ التي استوعبت جل الأعراقِ السودانيةِ، عنواناً للبلادِ ومركزاً مهماً للإشعاعِ الثقافيِّ والإسلاميِّ في أفريقيا، كما جسَّدت التّمازجَ العرقي والثقافي، فهي مثالٌ للتسامحِ الإسلاميِّ وتصالحِه مع الثقافاتِ المحليةِ، بل وصارت دلالة هذا الاسم تنسحب على كل أنحاء السودان، فأشارت المصادر التاريخية إلى الرواق السنَّاري في الأزهر، والقافلة السنَّارية في طريق القوافل التجارية، وكلتا الإشارتين تدلان على عموم السودان، بل عٌرِفَ أهل سودان وادي النيل في الحجاز ومصر في عهد مملكة سنَّار بالسنَّارية؛ وربما وصفوا بالسنانير. 

 وجسَّدت سنار بموقعها الجغرافي وتركيبتها السكانية والاجتماعية، نموذجاً مصغراً للسودان، ما دفع العديد من المفكرين والمثقفين والسياسيين لاعتبارها بوتقة انصهرت فيها مكونات السودان الكبير.
 
وبحسب الإيسيسكو فإنه على ضوء الرمزية التي تمثلها سنّار، فإن الاحتفاءَ بها يعني الاحتفاءَ بمختلف المواقع والمناطق والمدن ذات الدلالات الثقافية والإسلامية في السودانِ، التي كانت بؤرة ضوء للإشعاع العلمي الإسلامي في مختلف الحقب، الأمر الذي يضفي على هذا الحدث بٌعدَه الحقيقي، ويلقي الضوء على عمقِ الثقافةِ السودانية. 

وشكلت مدينة سنَّار وعاءً مادياً حضارياً حمل روح الدين الإسلامي والثقافة العربية، في تمازج فريد مع العناصر المحلية الأفريقية، وترجح الروايات أن سنَّار عاصمة دولة الفونج الإسلامية، اختطها عمارة دونقس وأصبحت عاصمة لدولته، ونتيجة لتلاقح التيارات البشرية المختلفة وتكامل جهودها، تم إقامة صرح سياسي جديد توحدت فيه مملكة العبدالَّلاب وأراضي سلطنة الفونج، وما أضيف إليهما من ديار البجة في الشرق وأجزاء كبيرة من كردفان في الغرب، وبهذا أصبح الصرح الجديد أكبر نطاق جغرافي متحد في وادي النيل الأوسط منذ مملكة مروي. 

وصارت سنَّار مدينة لا يستهان بها، ولها علاقات مع أجزاء من أفريقيا وأجزاء من بلاد آسيا مثل الهند والجزيرة العربية، وأصبحت قوة ضاربة لنشر الإسلام والعلم في البلاد، كما استفادت من التراث المعماري لدى سكان الشمال، الموغل في التاريخ إلى الحضارات القديمة في نبته ومروي، وعٌمِّرت الديار عماراً عظيماً حتى أصبحت وجهة مقصودة من كل الجهات. 

وكانت سنَّار مركزاً تبلور فيه جيل طويل من التجربة الإنسانية، التي خاضها سودان وادي النيل، الذي كان مهد الحضارات السودانية القديمة؛ وجاء اختيار سنَّار عاصمة للثقافة الإسلامية عام 2017 م، بمثابة إضافة حقيقية للرصيد التاريخي والثقافي للأمة السودانية وامتداداً طبيعياً للدور الذي ظل يلعبه السودان في الحفاظ على الثقافة الإسلامية على مدى التاريخ، وكانت هذه الاحتفالية فرصة لإبراز الدور الحضاري لهذه المدينة والتعريف بها ومؤهلاتها.

المصدر: إینا
captcha